16 - 08 - 2024

مؤشرات | التدخلات الأجنبية في السودان الخطر الأكبر

مؤشرات | التدخلات الأجنبية في السودان الخطر الأكبر

صحيح أن الأعياد جاءت هذه الأيام في ظل ظروف صعبة في محيطنا العربي، مما جعل حديث الناس في كل المجالس حول قراءات مستقبل الوضع في دولة السودان في ظل أزمة الصراع الحالي بين طرفين عسكريين، وتأثير ذلك على مصر والعالم العربي، بل العلاقات العربية العربية، والعربية الإفريقية، وحقيقة وجود تدخلات من أطراف خارجية في هذا الصراع.

وفي كل الأحوال يظل التدخل الأجنبي في السودان هو الخطر الأكبر في المرحلة الحالية من الأزمة بغض النظر عن طبيعة التدخل وحجمه وجنسيته، وليس بالضرورة أن يكون التدخل عسكريا، فما يتردد من وجود تدخلات هي في شكل دعم وتأييد طرف ضد آخر، وإختيار طريق تهديد إستقرار السودان بتوفير الدعم المالي والعسكري في هذا الشأن.

وبدأت تظهر النوايا في تحفيز إستمرار إشتعال الأزمة والحرب من نهاية الأسبوع الأول للأزمة على الأراضي السودانية، خصوصا أن كلا الطرفين حاول نقل صورة إمتلاك القوة في حسم الصراع العسكري على الأرض، وحرص كل طرف التأكيد على إمتلاكه القدرات العسكرية لحسم المعركة لصالحه، لضمان الدعم والتأييد الخارجي، سواء عربيا أو إفريقيا، أو أجنبيا.

وللأسف إنجرت أطراف خارجية لهذا الطرف أو الآخر، بمد يد العون لحليفها على الأراضي السودانية، ولكن يبقى التعامل مع الشرعية هو الفيصل في تحديد بوصلة تحديد العلاقة في أزمة قد تؤدي إلى تغييرات في معادلة الإستقرار في المنطقة.

ولاحظنا محاولة القفز على مبادرة مصر بالتنسيق مع دولة جنوب السودان في توجيه نداء إلى فريقي الصراع في السودان للجلوس على مائدة الحوار لتجنيب البلاد خسائر جسيمة، وإزهاق أرواح وضحايا ليسوا طرفا في الطموح السياسي الذي يسعى إليه كل طرف، وخصوصا من جانب قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" الذي خرج على تحالفه مع قائد القوات المسلحة السودانية الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني.

وظهرت مبادرة الهيئة الحكومية للتنمية (إيجاد)، بتشكيل لجنة من رؤساء كينيا وجيبوتي وجنوب السودان، في محاولة لإفشال الطرح المصري مع جنوب السودان، للوساطة وفقا للمكالمة التي جرت بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي، وسلفاكير ميارديت، واللذان أطلقا نداء لطرفي الصراع بوقف الحرب، والتدخل للوساطة، وهنا تحليلات ترى أن تدخلات "الإيجاد" هي نتيجة تدخلات خارجية قد تكون إفريقية وغربية وأمريكية وربما عربية أيضا.

ومن الملاحظات الخطيرة، هو طلب الولايات المتحدة الأمريكية من السعودية والإمارات التدخل لحل الأزمة في السودان، دون طلب ذلك من مصر، وهو ما يعكس أن هناك هاجسا وتقديرات سياسية ترتبط بتخوفات تاريخية من أي تحالفات أو تقارب بين مصر والسودان، واللذان يمكن أن يشكلا قوة تقلق الغرب في المنطقة، لما تمتلكه كل من مصر والسودان من مزايا نسبية يمكن أن تكملا بعضهما البعض، وهو ما لا يريده الغرب لمصر تحديدا.

مع ملاحظة أن فريق حميدتي له أهواء نحو الخليج، وهناك معلومات عن خطوط تواصل بينه وبين دول خليجية، وهو ما يمكن أن يمثل خط إختلاف أو خلاف في أولويات التسويات، وتشكيل تغييرات قد يؤثر على ملف مياه النيل الشائك، وارتباط ذلك بسد النهضة.

وبخلاف هذه التدخلات، يبدوا واضحا الدور الإسرائيلي في ملف الصراع السوداني، والذي يرمي إلى تعزيز خطط الكيان الصهيوني الرامية إلى تفويت أي فرص لثقل قوة مصر في السودان أو المنطقة، بل يمكن القول أن إسرائيل تعمل وبكل قوة لإضعاف مصر أو أي دور لها، وتنتهز تل أبيب أي فرصىة لتحقيق مآربها تجاه مصر إقليميًا، لأنها تدرك جيدا مدى قدرة مصر على بناء شراكات على المستوى الأقليمي، وهو أمر غير مرغوب ليس من إسرائيل فقط بل من الولايات المتحدة، ودول غربية عديدة، وتدفع بدول إفريقية في هذا الإتجاه.

ويظل التحذير المصري له دلالته، حيث حرصت مصر منذ اللحظة الأولى وعلى لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي، على الدعوة لعدم تدخل أي طرف أجنبي في الأزمة خصوصا تلك التدخلات السلبية لأنها تأجيج لمزيد من النزاع.

وفي حوار قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو مع فضائية الحدث، بدا أنه يستند في قوته لتدخلات لصالحة في الأزمة، قد تصل إلى التمويل..

وستبقى الأمور مشتعلة طالما تلك التدخلات قائمة، .. ويقينا فإن مصر سيكون لها موقف آخر لحماية أمنها القومي.
---------------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | تعليم